غسان أبو لبن

غسان أبو لبن ناقد وتشكيلي أردني. من مواليد مدينة أريحا العام 1964 ، وبعد هزيمة حزيران العام1967 استقرت عائلته في عمان ، وفيها بدأت موهبته من خلال نسخ ونقل صور كبار الفنانين المرسومة على علب الشوكولاته ( سلفانا ) ، والتي كان يرسمها دون أي اختلاف.

وأثناء دراسته للمرحلة الابتدائية في جبل التاج ، أتيحت له الفرصة لمشاهدة مستنسخات عن اللوحات الكلاسيكية شدت انتباهه فراح يرسمها مرة تلو الأخرى دون ملل أو كلل. ولم يكد يمر يوم دون أن يرسم على جدار أو فوق دفاتره أو أوراق كتبه المدرسية بأقلامه الملونة. وقد قامت عمليات نقل الصور بدورها في تدريب غسان أبو لبن على الرسم والتلوين والتعرف على بعض أسرار الصنعة وألفة الألوان.

في المرحلة الإعدادية كلف عاشق الفن ، أبو لبن ، بإعداد وإخراج ورسم وتلوين مجلة الحائط وهذا شجعه على كتابة القصة ، والشعر ، والمسرح ، إلى جانب المطالعة والقراءة لكبار الكتاب والشعراء أمثال: نجيب محفوظ ، وإحسان عبد القدوس ، وسميح القاسم ، وتوفيق زياد ، ومحمود درويش..

في المرحلة الثانوية تطورت ملكاته الإبداعية وأصبح الإنسان هدف تعبيره وملهم تنويعات إبداعه ، فظهر على مسطحات لوحاته من خلال البورتريه الذي كان يرسمه سواء للأساتذة أو لرفاقه الطلاب ، كما تناول في هذه المرحلة العديد من الموضوعات الإنسانية والاجتماعية والوطنية المستمدة من الواقع المحيط به.

بعد حصوله على الثانوية العامة كان الرسم قد تملكه إلى درجة الشغف وبات مصيره مرتبطا بالفن ، لذلك قرر أن يواصل تحصيله الفني في كلية الفنون الجميلة بجامعة اليرموك ، وأثناء الدراسة انكب على البحث والتجريب فدرس الأساليب الفنية وأعمال كبار الفنانين وتاريخ الفن ، كما كانت معالجاته الفنية تميل إلى الاعتماد على النظام الخطي مع استغلال إمكاناته وإيقاعاته في نقل الموديلات ودراسة التشريح والتكوين.. بمعنى آخر التزم أبو لبن في انجازاته بالتعاليم الأكاديمية.

بعد تخرجه في كلية الفنون الجميلة العام 1987 ، أقام أبو لبن معرضه الأول في رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين ، وقدم من خلاله أعمالاً تتسم بالأكاديمية والواقعية التسجيلية ، ولكن في إطار المذهب التعبيري ، فظهرت شخوصه قوية تضجُّ بالحركة وقوة التعبير حيناً ، وبالحس المأساوي حيناً آخر.

وكان تشكيل الفكرة في أعمال معرضه الثاني الذي أقامه في جاليري البتراء العام 1989 يبدأ أولاً بالخط الذي يقسم بناء اللوحة ويوزع الحدث على مساحتها ، ومن ثم يأخذ اللون دوره ليملأ الفراغات التي حددها الخط كإطار للمكان والزمان وحدود الحدث ، بالإضافة إلى إجادته للعبة الخط وتوظيفه في نقل المضمون أو الفكرة لتبرز معرفته العميقة باستخدام اللون وتنوع وظيفته ورموزه.

ولوحات تلك المرحلة تؤكد اهتمام الفنان بالمضمون والمعنى الأدبي الواضح المعالم ، حيث لجأ في أسلوبه إلى استخدام التكثيف في عناصر موضوعه وذلك لخلق جو درامي يؤكد الفكرة في عمق واتزان.

ويستمر الفنان في إنتاجه الدائب والبحث عن أفضل شكل للتعبير طوال الوقت ، فأقام مجموعة من المعارض المتتالية في الأعوام”91 ، 92 ، 93 ، 96 و 1999 “حيث بدأ يميل في لوحاته إلى التبسيط والاختزال في الأشكال بأسلوب تجريدي بنائي متماسك.

وحول هذه المرحلة يقول الفنان:”في هذه المرحلة أبحث عن أفضل شكل للتعبير ، وأنا ما زلت أبحث وأجرب ، فالتجريد إحدى الخطوات في البحث عن الأسلوب الذي يمكن من خلاله أن أعبر عما يدور في داخلي بالمذهب أو المدرسة التي أريد ، سواء بالواقعية أو الرمزية ، فكل مدرسة لها إطارها ، فمثلاً التجريدية مسطحة ولا تتحدث عن كل شيء “.

في العام 1994 طرح أبو لبن في معرض الصور الشخصية الذي أقامه في جاليري الفينيق ، وجوه الأدباء ورجال الفكر والصحافة. باستخدام تقنيات مختلفة بـ”الباستيل”و”المائي”و”قلم الرصاص”وسجل من خلال تلك التقنيات المغرية بتناغمها الموسيقي ورهافة خطها الخارجي العديد من الشخصيات الثقافية.

سواء من الذاكرة أو نسخا عن الصور ـ ما نشر في ملحق الدستور الثقافي ـ أو أثناء جلوس وأحاديث تلك الشخصيات في المقاهي ، لذلك كانت تؤخذ اللقطة حسب وضع جلوس الشخصية ، سواء بشكل أمامي أو بشكل جانبي.

استخدم الفنان في ذلك المعرض اللون الواحد وتدريجاته ، فأظهر من خلال استمرارية الخط الظل والنور كما في بورتريه الشاعر عدنان الصايغ وبورتريه الفنان نفسه.

وفي مجموعة أخرى استخدم الفنان لونين مع تدرجاتهما في بورتريه الكاتب محمد البطراوي والشعراء:”محمد العامري ، وطاهر رياض ، وعبد الوهاب البياتي “.

كما مال الفنان غسان أبو لبن إلى الاقتصاد في الدرجات اللونية ، فنراه يركز على إبراز الظل والنور في منطقة الرأس دون بقية الجسم ، وبشكل خاص الوجه ، وذلك لإبراز الحالة النفسية وللتأكيد على القيمة التعبيرية كما في بورتريه:”نصر الزعبي ، ومحمد القيسي ، وزهير أبو شايب وعمر شبانة “.

اقرأ ايضاً
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.