تأثير الموسيقا على الإنسان

يولد الناس ولديهم القدرة على التمييز بين الموسيقى والضوضاء، حيث تمتلك أدمغتنا بالفعل مسارات مختلفة لمعالجة أجزاء مختلفة من الموسيقى بما في ذلك النغمة واللحن والإيقاع، ويمكن للموسيقى السريعة أن تزيد من معدل ضربات القلب والتنفس وضغط الدم، وينعكس التأثير في حال سماع الموسيقى الهادئة.

قام البشر في جميع الثقافات من الأكثر بدائية إلى الأكثر تقدمًا بصناعة الموسيقى، في حين أن تأثيراتها على الناس ليست مفهومة تمامًا. فقد أظهرت الدراسات أنه عندما تسمع الموسيقى حسب رغبتك، فإن الدماغ يطلق مادة كيميائية تسمى الدوبامين لها تأثيرات إيجابية على الحالة المزاجية، كما أنها توقظ داخلنا مشاعر قوية مثل الفرح والحزن والخوف، ووفقًا لبعض الباحثين فإن للموسيقى قدرة على تحسين صحتنا ورفاهيتنا.

قال الموسيقي الأمريكي بيلي جويل ذات مرة: “أعتقد أن الموسيقى بحد ذاتها شفاء، فهي تعبير صارخ عن الإنسانية بغض النظر عن الثقافة التي ننتمي إليها”. وفي هذا الإطار، قالت باربرا إلس، كبيرة مستشاري السياسة والأبحاث في جمعية العلاج بالموسيقى الأمريكية لمجلة ميديكال نيوز توداي: “إن ارتباط البشر بالموسيقى عميق لأنها متأصلة في أدمغتنا وأجسادنا، حيث يتردد صداها في فيزيولوجيا الجسم ووظائفه وصحته”.

ووجدت دراسة أجراها باحثون من جامعة ماكجيل في كندا عام 2011 أن الاستماع إلى الموسيقى يزيد من كمية الدوبامين المنتجة في الدماغ، وهي مادة كيميائية تعدل المزاج ما يجعلها علاجًا للاكتئاب. وفي وقت سابق من هذا العام، أفادت دراسة نُشرت في مجلة “The Lancet Psychiatry” أن الموسيقى السريعة تساعد على فهم اضطرابات الصحة العقلية، كما يمكن أن يؤدي الاستماع إلى الموسيقى قبل الجراحة إلى تحسين نتائج ما بعد الجراحة، بالإضافة إلى كونها تزيد من مستويات الإنترولوكين الذي يعمل على تعزيز جهاز المناعة.

وفي معرض إجابته على سؤال كيف للموسيقى أن تمتلك كل هذه الإيجابيات؟ يقول كيم إينيس، أستاذ علم الأوبئة في كلية الصحة العامة بجامعة ويست فيرجينيا: “يبدو أن الموسيقى تُنشط بشكل انتقائي الأنظمة الكيميائية العصبية وهياكل الدماغ المرتبطة بالمزاج الإيجابي وتنظيم العاطفة والانتباه والذاكرة بطرق تعزز التغييرات المفيدة”.

تشير بعض الدراسات الأخرى إلى أن الاستماع إلى الموسيقى يمكن أن يكون له التأثيرات الإيجابية التالية على الصحة:

تحسين المزاج
إن الاستماع إلى الموسيقى يعزز الحالة المزاجية والرفاهية ويحسن التدابير المرتبطة بالتوتر لدى كبار السن الذين يعانون من التدهور المعرفي، كما أنها تساعد على تنظيم المشاعر والشعور بالاسترخاء في الحياة اليومية.

التخفيف من الإجهاد والقلق
أثبتت العديد من الدراسات التي أجرت إحداها جامعة برونيل في المملكة المتحدة أن الموسيقى قد تقلل من التوتر، فإن الاستماع إلى الموسيقى الهادئة التي تعتبر عمومًا ذات إيقاع بطيء ونبرة منخفضة وبدون كلمات يقلل من التوتر والقلق لدى الأشخاص الأصحاء والأشخاص الذين يخضعون لإجراءات طبية مثل الجراحة العامة أو السنية أو أي عملية تنظير.

لكن لماذا يبدو أن الموسيقى تخفف الألم؟ على الرغم من أن الآليات الدقيقة غير واضحة حتى الآن، إلا أن العديد من الباحثين يعتقد أن الاستماع إلى الموسيقى يؤدي إلى إطلاق المواد الأفيونية في الدماغ وهي مسكنات الألم الطبيعية في الجسم.

التخفيف من التوتر
أظهرت نتائج دراسات أجريت على مرضى سرطان أن الاستماع إلى الموسيقى مع الرعاية الاعتيادية التي يتلقونها تساعد على التخفيف من حالة التوتر التي يشعرون بها وتحسن من فعالية العلاج. وقد وجدت دراسة نشرتها “MNT” أن الأطفال ظلوا أكثر هدوءًا لفترة أطول عند تشغيلهم للموسيقى بدلاً من التحدث إليهم.

كيف تساعدك الموسيقى على الاستمتاع والاستفادة من التمارين الرياضية؟

تساعد الموسيقى في تخفيف التوتر عن طريق خفض مستويات الكورتيزول في الجسم، وهو الهرمون الذي يتم إطلاقه استجابة للتوتر، إلا أن مدى تأثيرها يختلف بالاعتماد على نوع الموسيقى التي يستمع إليها المرء، حيث من المرجح أن تؤدي الموسيقى الهادئة إلى خفض مستويات الكورتيزول. ولقد أدى تأثير الموسيقى على معدل ضربات القلب وقدرتها على التخلص من التوتر إلى اعتقاد عدد من الباحثين بأن الموسيقى قد تكون فعالة أيضًا في علاج أمراض القلب.

ترفع من فعالية التمارين الرياضية
تشير الدراسات إلى أهمية الاستماع للموسيقى أثناء ممارسة الرياضة فهي تعزز التحفيز الذهني والبدني وتزيد من الأداء العام للشخص، فهي تزيد من قوة ووقت أداء التدريبات، وتمنح نشاطًا روحيًا وجسديًا.

تحسين الذاكرة
أظهرت الأبحاث أن العناصر المتكررة للإيقاع واللحن تساعد أدمغتنا على تكوين أنماط تعزز الذاكرة، فقد أظهرت نتائج دراسة أجريت على الناجين من السكتات الدماغية أن الاستماع للموسيقى ساعدهم على استعادة ذاكرتهم اللفظية بشكل أسرع ورفع معدل التركيز لديهم، كما أن بعض الأغاني لديها القدرة على تذكيرنا بفترات أو أحداث معينة في حياتنا سواء كانت ذكريات سعيدة أو حزينة.

وتساعد أيضًا في استدعاء الذاكرة للبالغين في المراحل المبكرة من الخرف، حيث إن الأنشطة الترفيهية الموسيقية المنتظمة يمكن أن يكون لها فوائد معرفية وعاطفية واجتماعية طويلة المدى في الخرف الخفيف والمعتدل، كما تساهم في استعادة الذاكرة للأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات المعرفية مثل مرض الزهايمر.

تخفيف حدة الألم وعلاج النوبات وإصابات الدماغ
أظهرت الدراسات التي أجريت على المرضى الذين يتعافون من الجراحة، أن أولئك الذين استمعوا إلى الموسيقى قبل الجراحة أو أثنائها أو بعدها يعانون من ألم أقل ورضا أكثر بشكل عام مقارنة بالمرضى الذين لم يستمعوا إلى الموسيقى كجزء من رعايتهم.

الموسيقى تزيد إنتاجية الموظفين وتحسن مزاجهم
من جهة أخرى، تشير الأبحاث بشكل متزايد إلى أن الموسيقى يمكن أن تساعد على التعافي من إصابات الدماغ كتلك الناجمة عن السكتة الدماغية، فهي تساعد على استعادة النطق وتحسين القدرة اللغوية والتواصل بعد شهر واحد من العلاج بالموسيقى العصبية. وتبين أيضًا أهميتها في علاج الصرع، وهو اضطراب دماغي يتميز بحدوث النوبات، حيث تظهر أدمغة مرضى الصرع استجابات مختلفة للموسيقى عن أقرانهم الأصحاء، وقد يؤدي سماعهم للموسيقى إلى تجنب التعرض لنوبة الصرع.

اقرأ ايضاً
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.